كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقد أنذر أخوعاد قومه. ولم يكن أول نذير لقومه. فقد سبقته الرسل إلى أقوامهم..
{وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه}..
قريبًا منه وبعيدًا عنه في الزمان وفي المكان. فالنذارة متصلة. وسلسلة الرسالة ممتدة. والأمر ليس بدعًا ولا غريبًا. فهو معهود مألوف.
أنذرهم- ما أنذر به كل رسول قومه-: {ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم}.. وعبادة الله وحده عقيدة في الضمير ومنهج في الحياة؛ والمخالفة عنها تنتهي إلى العذاب العظيم في الدنيا أو في الآخرة. أوفيهما على السواء.
والإشارة إلى يوم {عذاب يوم عظيم}.. تعني حين تطلق يوم القيامة وهو أشد وأعظم.
فماذا كان جواب قومه على التوجيه إلى الله. والإنذار بعذابه؟
{قالوا أجئتنا لتأفكنا عن الهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين}..
سوء الظن وعدم الفهم. والتحدي للنذير. واستعجال العذاب الذي ينذرهم به. والاستهزاء والتكذيب. وإصرار على الباطل واعتزاز!
فأما هود النبي فيتلقى هذا كله في أدب النبي. وفي تجرده من كل ادعاء. وفي الوقوف عند حده لا يتعداه:
{قال إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم قومًا تجهلون}..
إنما أنذركم بالعذاب كما كلفت أن أنذركم. وليست أعلم متى يحين موعده. ولا كيف يكون شكله. فعلم ذلك عند الله. وإنما أنا مبلغ عن الله. لا أدعي علمًا ولا قدرة مع الله..
{ولكني أراكم قومًا تجهلون} وتحمقون. وأية حماقة وأي جهل أشد من استقبال النذير الناصح والأخ القريب بمثل هذا التحدي والتكذيب؟
ويجمل السياق هنا ما كان بين هود وقومه من جدل طويل. ليمضي إلى النهاية المقصودة أصلًا في هذا المقام؛ ردًا على التحدي والاستعجال.
{فلما رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين}..
وتقول الروايات: إنه أصاب القوم حر شديد. واحتبس عنهم المطر. ودخن الجوحولهم من الحر والجفاف. ثم ساق الله إليهم سحابة. ففرحوا بها فرحًا شديدًا. وخرجوا يستقبلونها في الأودية. وهم يحسبون فيها الماء: {قالوا هذا عارض ممطرنا}..
وجاءهم الرد بلسان الواقع: {بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شيء بأمر ربها}.. وهي الريح الصرصر العاتية التي ذكرت في سورة أخرى. كما جاء في صفتها: {ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم} والنص القرآني يصور الريح حية مدركة مأمورة بالتدمير: {تدمر كل شيء بأمر ربها} وهي الحقيقة الكونية التي يحفل القرآن بإشعارها للنفوس. فهذا الوجود حي. وكل قوة من قواه واعية. وكلها تدرك عن ربها وتتوجه لما تكلف به من لدنه. والإنسان أحد هذه القوى. وحين يؤمن حق الآيمان. ويفتح قلبه للمعرفة الواصلة. يستطيع أن يعي عن القوى الكونية من حوله. وأن يتجاوب معها. وأن تتجاوب معه. تجاوب الأحياء المدركة. بغير الصورة الظاهرة التي يعرفها الناس من الحياة والإدراك. ففي كل شيء روح وحياة. ولكننا لا ندرك هذا لأننا محجوبون بالظواهر والأشكال عن البواطن والحقائق. والكون من حولنا حافل بالأسرار المحجوبة بالأستار. تدركها البصائر المفتوحة ولا تراها الأبصار.
وقد أدت الريح ما أمرت به. فدمرت كل شيء {فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم}.
أما هم وأما أنعامهم وأما أشيئاؤهم وأما متاعهم فلم يعد شيء منه يرى. إنما هي المساكن قائمة خاوية موحشة. لا ديار فيها ولا نافخ نار..
{كذلك نجزي القوم المجرمين}.. سنة جارية وقدر مطرد في المجرمين.
وعلى مشهد الدمار والخراب يلتفت إلى أمثالهم الحاضرين. يلمس قلوبهم بما ترتعش منه القلوب:
{ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعًا وأبصارًا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون}..
هؤلاء الذين دمرتهم الريح المأمورة بالتدمير. مكناهم فيما لم نمكنكم فيه.. إجمالًا.. من القوة والمال والعلم والمتاع. وآتيناهم أسماعًا وأبصارًا وأفئدة- والقرآن يعبر عن قوة الإدراك مرة بالقلب ومرة بالفؤاد ومرة باللب ومرة بالعقل. وكلها تعني الإدراك في صورة من صوره- ولكن هذه الحواس والمدارك لم تنفعهم في شيء. إذ أنهم عطلوها وحجبوها {إذ كانوا يجحدون بآيات الله}.. والجحود بآيات الله يطمس الحواس والقلوب. ويفقدها الحساسية والإشراق والنور والإدراك.
{وحاق به ما كانوا به يستهزئون}.. من العذاب والبلاء..
والعبرة التي يفيدها كل ذي سمع وبصر وقلب. ألا يغتر ذوقوة بقوته. ولا ذومال بماله. ولا ذوعلم بعلمه. فهذه قوة من قوى الكون تسلط على أصحاب القوة والمال والعلم والمتاع. فتدمر كل شيء. وتتركهم {لا يرى إلا مساكنهم} حين يأخذهم الله بسنته التي يأخذ بها المجرمين.
والريح قوة دائبة العمل. وفق النظام الكوني الذي قدره الله. وهو يسلطها حين يسلطها للتدمير وهي ماضية في طريقها الكوني. تعمل وفق الناموس المرسوم. فلا حاجة لخرق النواميس الكونية- كما يعترض المعترضون واهمين- فصاحب الناموس المرسوم هو صاحب القدر المعلوم. وكل حادث وكل حركة. وكل اتجاه. وكل شخص. وكل شيء. محسوب حسابه. داخل في تصميم الناموس.
والريح كغيرها من القوى الكونية مسخرة بأمر ربها. ماضية تؤدي ما قدره لها في نطاق الناموس المرسوم لها و للوجود كله. ومثلها قوة البشر المسخرة لما يريده الله بها. المسخر لها من قوى الكون ما أراد الله تسخيره لها. وحين يتحرك البشر فإنما يؤدون دورهم في هذا الوجود. ليتم ما أراده الله بهم وفق ما يريد. وحرية إرادتهم في الحركة والاختيار جزء من الناموس الكلي ينتهي إلى التناسق الكوني العام. وكل شيء مقدر تقديرًا لا يناله نقص ولا اضطراب.
ويختم هذا الشوط بالعبرة الكلية لمصارع من حولهم من القرى من عاد وغير عاد:
{ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى وصرفنا الآيات لعلهم يرجعون فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانًا الهة بل ضلوا عنهم وذلك إفكهم وما كانوا يفترون}..
وقد أهلك الله القرى التي كذبت رسلها في الجزيرة.
{وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ القرآن فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ ولوا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29)}.
هذا الشوط الأخير جو لة جديدة في مجال القضية التي تعالجها السورة؛ فسياقة قصة النفر من الجن الذين استمعوا لهذا القرآن. فتنادوا بالأنصات. واطمأنت قلوبهم إلى الآيمان. وانصرفوا إلى قومهم منذرين يدعونهم إلى الله ويبشرونهم بالغفران والنجاة. ويحذرونهم الإعراض والضلال. سياقة الخبر في هذا المجال. بهذه الصورة. وتصوير مس القرآن لقلوب الجن هذا المس الذي يتمثل في قولهم: {أنصتوا} عندما طرق أسماعهم يتمثل فيما حكوه لقومهم عنه. وفيما دعوهم إليه. كل هذا من شأنه أن يحرك قلوب البشر. الذين جاء القرآن لهم في الأصل. وهو إيقاع مؤثر ولا شك. يلفت هذه القلوب لفتة عنيفة عميقة. وفي الوقت ذاته تجيء الإشارة إلى الصلة بين كتاب موسى وهذا القرآن على لسان الجن. فتعلن هذه الحقيقة التي يدركها الجن ويغفل عنها البشر. ولا يخفى ما في هذه اللفتة من إيحاء عميق متفق مع ما جاء في السورة.
كذلك ما يرد في كلام الجن من الإشارة إلى كتاب الكون المفتوح. ودلالته على قدرة الله الظاهرة في خلق السماوات والأرض. الشاهدة بقدرته على الإحياء والبعث. وهي القضية التي يجادل فيها البشر وبها يجحدون.
وبمناسبة البعث يعرض مشهدًا من مشاهد القيامة {ويوم يعرض الذين كفروا على النار}..
وفي الختام تجيء الوصية للرسول- صلى الله عليه وسلم- بالصبر عليهم وعدم الاستعجال لهم. وتركهم للأجل المرسوم. وهو قريب قريب كأنه ساعة من نهار.. للبلاغ.. قبل الهلاك!
{وإذ صرفنا إليك نفرًا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابًا أنزل من بعد موسى مصدقًا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شئ قدير}..
ومقالة النفر من الجن- مع خشوعهم عند سماع القرآن- تتضمن أسس الاعتقاد الكامل: تصديق الوحي. و وحدة العقيدة بين التوراة والقرآن. والاعتراف بالحق الذي يهدي إليه. والآيمان بالآخرة وما ينتهي إلى المغفرة وما ينتهي إلى العذاب من الأعمال. والإقرأر بقوة الله وقدرته على الخلق و و لايته وحده للعباد. والربط بين خلق الكون وإحياء الموتى.. وهي الأسس التي تتضمنها السورة كلها. والقضايا التي تعالجها في سائر أشواطها.. كلها جاءت على لسان النفر من الجن. من عالم آخر غير عالم الإنسان.
ويحسن قبل أن نستعرض هذه المقالة أن نقول كلمة عن الجن وعن الحادثة.
إن ذكر القرآن لحادث صرف نفر من الجن ليستمعوا القرآن من النبي- صلى الله عليه وسلم- وحكاية ما قالوا وما فعلوا.. هذا وحده كاف بذاته لتقرير وجود الجن و لتقرير وقوع الحادث. و لتقرير أن الجن هؤلاء يستطيعون أن يستمعوا للقرآن بلفظه العربي المنطوق كما يلفظه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- و لتقرير أن الجن خلق قابلون للإيمان و للكفران. مستعدون للهدى و للضلال.. وليس هنالك من حاجة إلى زيادة تثبيت أوتوكيد لهذه الحقيقة؛ فما يملك إنسان أن يزيد الحقيقة التي يقررها الله- سبحانه- ثبوتًا.
و لكنا نحأول إيضاح هذه الحقيقة في التصور الإنساني.
إن هذا الكون من حولنا حافل بالأسرار. حافل بالقوى والخلائق المجهو لة لنا كنهًا وصفة وأثرًا. ونحن نعيش في أحضان هذه القوى والأسرار. نعرف منها القليل. ونجهل منها الكثير. وفي كل يوم نكشف بعض هذه الأسرار. وندرك بعض هذه القوى. ونتعرف إلى بعض هذه الخلائق تارة بذواتها. وتارة بصفاتها. وتارة بمجرد اثارها في الوجود من حولنا.
ونحن ما نزال في أول الطريق. طريق المعرفة لهذا الكون. الذي نعيش نحن وآباؤنا وأجدادنا ويعيش أبناؤنا وأحفادنا. على ذرة من ذراته الصغيرة الصغيرة.. هذا الكوكب الأرضي الذي لا يبلغ أن يكون شيئًا يذكر في حجم الكون أو وزنه!
وما عرفناه اليوم- ونحن في أول الطريق- يعد بالقياس إلى معارف البشرية قبل خمسة قرون فقط عجائب أضخم من عجيبة الجن. ولوقال قائل للناس قبل خمسة قرون عن شيء من أسرار الذرة التي نتحدث عنها اليوم لظنوه مجنونًا. أولظنوه يتحدث عما هو أشد غرابة من الجن قطعًا!
ونحن نعرف ونكشف في حدود طاقتنا البشرية. المعدة للخلافة في هذه الأرض. و وفق مقتضيات هذه الخلافة. وفي دائرة ما سخره الله لنا ليكشف لنا عن أسراره. وليكون لنا ذلولا. كيما نقوم بواجب الخلافة في الأرض.. ولا تتعدى معرفتنا وكشوفنا في طبيعتها وفي مداها- مهما امتد بنا الأجل- أي بالبشرية- ومهما سخر لنا من قوى الكون وكشف لنا من أسراره- لا تتعدى تلك الدائرة. دائرة ما نحتاجه للخلافة في هذه الأرض. وفق حكمة الله وتقديره.
وسنكشف كثيرًا. وسنعرف كثيرًا. وستتفتح لنا عجائب من أسرار هذا الكون وطاقاته. مما قد تعتبر أسرار الذرة بالقياس إليه لعبة أطفال! ولكننا سنظل في حدود الدائرة المرسومة للبشر في المعرفة. وفي حدود قول الله- سبحانه- {وما أوتيتم من العلم إلا قليلًا} قليلًا بالقياس إلى ما في هذا الوجود من أسرار وغيوب لا يعلمها إلا خالقه وقيومه. وفي حدود تمثيله لعلمه غير المحدود. و وسائل المعرفة البشرية المحدودة بقوله: {ولوأنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله}.
فليس لنا- والحالة هذه- أن نجزم بوجود شيء أونفيه. وبتصوره أو عدم تصوره. من عالم الغيب المجهو ل. ومن أسرار هذا الوجود وقواه. لمجرد أنه خارج عن مألوفنا العقلي أوتجاربنا المشهودة. ونحن لم ندرك بعد كل أسرار أجسامنا وأجهزتها وطاقاتها. فضلًا على إدراك أسرار عقولنا وأرواحنا!
وقد تكون هنالك أسرار ليست داخلة في برنامج ما يكشف لنا عنه أصلًا. وأسرار ليست داخلة في برنامج ما يكشف لنا عن كنهه. فلا يكشف لنا إلا عن صفته أوأثره أو مجرد وجوده. لأن هذا لا يفيدنا في وظيفة الخلافة في الأرض.
فإذا كشف الله لنا عن القدر المقسوم لنا من هذه الأسرار والقوى. عن طريق كلامه- لا عن طريق تجاربنا ومعارفنا الصادرة من طاقتنا الموهوبة لنا من لدنه أيضًا- فسبيلنا في هذه الحالة أن نتلقى هذه الهبة بالقبول والشكر والتسليم. نتلقاها كما هي فلا نزيد عليها ولا ننقص منها. لأن المصدر الوحيد الذي نتلقى عنه مثل هذه المعرفة لم يمنحنا إلا هذا القدر بلا زيادة. وليس هنالك مصدر آخر نتلقى عنه مثل هذه الأسرار!
ومن هذا النص القرآني. ومن نصوص سورة الجن. والأرجح أنها تعبير عن الحادث نفسه. ومن النصوص الآخرى المتناثرة في القرآن عن الجن. ومن الآثار النبوية الصحيحة عن هذا الحادث. نستطيع أن ندرك بعض الحقائق عن الجن.. ولا زيادة..
هذه الحقائق تتلخص في أن هنالك خلقًا اسمه الجن. مخلوق من النار. لقول إبليس في الحديث عن آدم: {أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين}. وإبليس من الجن لقول الله تعالى: {إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه}. فأصله من أصل الجن.
وأن هذا الخلق له خصائص غير خصائص البشر. منها خلقته من نار. ومنها أنه يرى الناس ولا يراه الناس. لقوله تعالى عن إبليس- وهو من الجن-: {إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم} وأن له تجمعات معينة تشبه تجمعات البشر في قبائل وأجناس. للقول السابق: {إنه يراكم هو وقبيله} وأن له قدرة على الحياة في هذا الكوكب الأرضي- لا ندري أين- لقوله تعالى لادم وإبليس معًا: {اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين} والجن الذين سخروا لسليمان عليه السلام كانوا يقومون له بأعمال في الأرض تقتضي أن يكونوا مزودين بالقدرة على الحياة فيها.
وأن له قدرة كذلك على الحياة خارج هذا الكوكب لقول الله تعالى حكاية عن الجن: {وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسًا شديدًا وشهبًا وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الأن يجد له شهابًا رصدًا} وأنه يملك التأثير في إدراك البشر وهو مأذون في توجيه الضالين منهم- غيرعباد الله- للنصوص السابقة. و لقوله تعالى في حكاية حوار إبليس اللعين: {قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين} وغير هذا من النصوص المماثلة. ولكنا لا نعرف كيف يوسوس ويوجه وبأي أداة.
وأنه يستطيع أن يسمع صوت الإنسان ويفهم لغته. بدلالة استماع نفر من الجن للقرآن وفهمه والتأثر به. وأنه قابل للهدى و للضلال بدلالة قول هذا النفر في سورة الجن: {وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدًا وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبًا} وبدليل ذهابهم إلى قومهم منذرين يدعونهم إلى الآيمان. بعدما وجدوه في نفوسهم. وعلموا أن قومهم لم يجدوه بعد.